سينيه
السيرة الذاتية
موريس سينيه، المعروف باسم سينيه، أحد أبرز رواد فن الكاريكاتير الساخر الفرنسي، اشتهر بروح الدعابة السوداء، وموقفه المناهض لرجال الدين، والتزاماته السياسية الراديكالية. ارتبطت حياته ارتباطًا وثيقًا بشغفه بالرسم، وموسيقى الجاز، والنشاط المناهض للاستعمار.
وُلد موريس ألبرت سينيه في باريس، في حيٍّ شعبيٍّ شرقي المدينة، أواخر عام ١٩٢٨، لعائلة متواضعة. كان والده حدادًا ماهرًا، ووالدته بائعة بقالة. في الرابعة عشرة من عمره، التحق بمدرسة إتيان، حيث درس الرسم والتصميم، بينما كان يكسب رزقه ليلًا كمغنٍّ في الملاهي الليلية. عززت خدمته العسكرية، التي قضى خلالها معظم وقته في الحبس الانفرادي، رفضه للجيش والدولة والانضباط المفروض.
بعد انتهاء خدمته العسكرية، بدأ سينيه بنشر رسوماته الكاريكاتيرية الأولى في أوائل الخمسينيات من القرن العشرين في الصحافة الشعبية، ولا سيما في صحيفة "فرانس ديمانش". في عام ١٩٥٥، نال جائزة "غراند بري دو لومور نوار" (الجائزة الكبرى للفكاهة السوداء) عن مجموعته "كومبلينيت سان بارول" (شكاوى بلا كلمات)، ما لفت إليه أنظار الأوساط الأدبية والفنية. وبلغ ذروة نجاحه عام ١٩٥٩ مع كتاب "لي شات" (القطط)، الذي رسّخ أسلوبه الفني المميز، الحاد، والشاعري. وفي الوقت نفسه، أصبح رسام كاريكاتير سياسي في صحيفة "ليكسبريس"، حيث أثارت رسوماته المناهضة للاستعمار خلال الحرب الجزائرية جدلاً واسعاً، ودعاوى قضائية، وكسبت له سمعة كونه محرضاً لا يلين.
عرّف سينيه نفسه بأنه ليبرتاري، مناهض للرأسمالية، مناهض للاستعمار، مناهض لرجال الدين، وعلماني، وهي مواقف عبّر عنها بجرأة في رسوماته وفي الصحافة. وبصفته أحد الموقعين على بيان الـ ١٢١ خلال الحرب الجزائرية، دافع عن حق العصيان المدني والنضال ضد الاستعمار الفرنسي. كان سينيه معادياً لجميع الأديان المؤسسية، وهاجم الكنيسة الكاثوليكية ورجال الدين الآخرين، ليصبح أحد أبرز الأصوات في اليسار الراديكالي المتأثر بالفكر الأناركي. أعلن سينيه دعمه للقضية الفلسطينية، مما دفع منتقديه إلى اتهامه بمعاداة السامية، فردّ مؤكداً أنه يدافع عن مناهضة الصهيونية السياسية، لا عن كراهية اليهود. كان التزامه بالقضية الفلسطينية جزءاً من مواقف أوسع مناهضة للإمبريالية والاستعمار وإسرائيل، فيما يتعلق بسياساتها في الأراضي المحتلة.
انضم سينيه إلى مجلة شارلي إيبدو في أوائل الثمانينيات، حيث برز برسوماته الكاريكاتورية السياسية، وفكاهته السوداء، وهجماته على السلطة والمال والمؤسسات الدينية. في يوليو/تموز 2008، فصله رئيس التحرير فيليب فال بعد مقالٍ له حول احتمال اعتناق جان ساركوزي لليهودية، وهو مقالٌ أدى إلى اتهامات بمعاداة السامية، نفاها بشدة. استنكر سينيه هذا الأمر باعتباره خيانةً لروح السخرية التحررية والمناهضة لرجال الدين، بينما قبلت شارلي إيبدو فصله. في أعقاب ذلك، أطلق مجلته الأسبوعية الخاصة، سينيه إيبدو، ثم سينيه مينسويل، حيث واصل أسلوبه الراديكالي.
وبعد أن أضعفته مشاكل صحية، خضع لعملية جراحية كبرى في الرئة في مستشفى بيشات في باريس، وتوفي ليلة 4-5 مايو 2016، عن عمر ناهز 87 عامًا. وحتى آخر لحظة، ظل وفيًا لصورته كرسام كاريكاتير راديكالي وملتزم، تاركًا بصمةً خالدةً في فن الكاريكاتير السياسي الفرنسي.
الأفلام (تمثيل)
المسلسلات (تمثيل)
الأفلام (إخراج/إنتاج)
معرض الصور